التسخين الذي ينتهجه الكيان ووسائل دعايته وإعلامه منذ أيام، ضد قطاع غزة، والتلويح المتصاعد بهجمة شرسة جديدة على الشعب الفلسطيني المحاصر منذ سنوات، واستخدام جيش الاحتلال سلاحه الفتاك على مدى أيام مضت في ضرب المواقع المدنية الفلسطينية، ينذر بعدوان جديد على القطاع «المقطوع» عن العالم الخارجي.
«إسرائيل» وكما هي العادة، تحاول تغطية فشلها الدبلوماسي الدولي، وإخفاقات سياسييها الداخلية، تحاول أيضاً ترجيح كفة فريق على آخر في الساحة الداخلية المقبلة على انتخابات برلمانية جديدة، روّج لها منذ أشهر عدة رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو،
هذا الطامح في كسب أصوات الناخبين، والمؤمن أنهم لن يصوتوا إلا لأشد البرامج تطرفاً وعنفاً وعنصرية، وهو إذ يقبل على هذا الاستحقاق المبكر، لن يجد وسيلة لاجتذاب هؤلاء إلا بأداء فروض الولاء للعقلية الإجرامية الصهيونية، من بوابة قطاع غزة، الذي لا يكاد يفيق من عدوان مسعور، إلا ويلقى تلويحاً أو تهديداً، أو عدواناً آخر أشد وأعنف.
وخدمة لهذا الهدف يبدأ التسخين عشية الانتخابات، وفي ظل الظروف الداخلية والخارجية، والوضعية الصعبة التي تواجهها «إسرائيل» في ملفات عدة تحاول فرضها على أجندة العالم، من تحركاتها المتسارعة لتهويد المقدسات، وعدوانها المتواصل ومستوطنيها على الإنسان الفلسطيني، ومقدراته، وقوت عياله من الزيتون والمحاصيل، إلى مناداتها الدائمة بحرب إقليمية مركزها لجم أي طموح نووي لغيرها من الدول، وغير ذلك من محاولات حصد المكاسب بابتزاز مرشحي الرئاسة الأمريكية.
آخر المطالبات بالعدوان نقلتها صحافة الكيان على لسان من وصفته بأنه «ضابط كبير»، أوصى بشن عملية عسكرية برية واسعة في قطاع غزة، على غرار العدوان الدموي المسمى «الرصاص المصبوب» الذي شنه الاحتلال أواخر عام 2008، مؤكداً ضرورة تحرك «عسكري واسع لفرض قوة الردع» على القطاع.
وقبل هذه الدعوة، تبنى قادة العصابة «الإسرائيلية» مواقف كثيرة مماثلة، ليس أقلها صراحة تأييد رئيس أركان الاحتلال عدواناً واسعاً على القطاع. ومن بعد ذلك بدأت التهديدات تتصاعد، وظهرت نذر العدوان صراحة، من خلال تكرار قصف المدنيين العزل في القطاع المحاصر، بحجة ضرب المقاومين، بعدما تمادى الكيان في ربط كثير من الأحداث في محيط القطاع وخارجه بالفصائل الفلسطينية، محاولاً إلباسها ثوب «الإرهاب».
ومع كل ذلك، فإن الغني عن القول، إن الكيان لا يحتاج إلى «تذكرة عبور» لشن أي عدوان، ولا إلى مبررات لممارسة ما يبرع به من قتل وقصف وتدمير، ولا إلى «ضوء أخضر» من أحد، فهو الذي يتحكم بالأضواء والإشارات، وهو من يحاول وضع «الخطوط الحمر»، وهو الوحيد في العالم الذي لا ينطبق عليه قانون ولا شرعة ولا عرف، ولا يعترف بحق ولا عدالة.
لا تحتاج «إسرائيل» إلى الحجج، لكنها بحاجة إلى إطالة أمد التسخين والتصعيد، في محاولة لرفع أسهم قيادتها على الصعيد الانتخابي الداخلي من جهة، وزيادة الضغط والابتزاز على الصعد الخارجية من جهة ثانية، وفي الوقت ذاته استكشاف توجهات قوى جديدة في المنطقة إزاء أي عدوان محتمل، واللعب على وتر ترهيب الفلسطينيين المحاصرين في أكبر سجن في العالم.
ومهما يكن الأمر، فإن ما نشهد يظل نذراً لعدوان، قد يتحول إلى عدوان شرس يحاول الاحتلال من خلاله إخضاع قطاع غزة، والإيغال في دماء أبنائه، وتشديد حصاره، ورفع أسهمه في ساحته الداخلية، وتوجيه رسائل إلى العالم والمحيط الإقليمي، يؤكد من خلالها مواصلة دوره ككيان مارق مجرم إرهابي، أو أن الأمور ستأخذ منحى آخر إذا وجد هذا الكيان موقفاً موحداً ضد تهديده ووعيده.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخليج الإماراتية