محمود المصرى: من رحمة النبى بنا تحذيره لنا من المسيح الدجال
ضمن سلسلته رحلة الى الدار الآخره تحدث الشيخ محمود المصرى فى برنامج "فضفضة" على قناة الناس أول أمس ،عن ظهور المسيح الدجال الذى يعد من العلامات الكبرى للساعة ، موضحاً رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته حيث حذرنا منه ، ورحمة الله بعباده حيث جعل من شكل الدجال ما يدل على بطلان دعوته، فشوّه خلقه وكتب حكمه بين عينيه ، واثبت الله جل وعلا الكرامة للمؤمنين الأميين بقراءة ما كتب على جبين الدجال .
يقول الشيخ محمود المصرى: الدجال مأخوذ من الدجل وهو الكذب وهو اسم لشخص يظهر في آخر الزمان يدعي الربوبية، ويجري الله على يديه من العجائب والخوارق ما تعظم به الفتنة على البشر، ويتسبب خروجه فى حدوث اهتزازاً وتشكيكاً في العقائد، فينقسم الناس في شأنه بين مصدق مقتنع وتابع راغب أو راهب وبين مكذب فار من فتنته .
ولعظيم فتنته حذر الأنبياء أممهم منه وكان النبي صلى الله عليه وسلم من أكثرهم تحذيراً حيث وضح للأمة شأنه، ووصف شكله وبين خوارقه ووجوه دجله وأخبرنا من هم أتباعه كما أعلم الأمة بمدة لبثه ومكثه في الأرض، وطريقة موته ومن يقتله في تفصيل دقيق شمل حياة الدجال كلها ، وذلك نصحاً للأمة وصيانة لدينها أن يداخله تشكيك.
عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال :قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لأنا أعلم بما مع الدجال منه، معه نهران يجريان أحدهما رأي العين ماء أبيض، والآخر رأي العين نار تأجج، فإما أَدْرَكَنَّ أحدٌ فليأت النهر الذي يراه ناراً، وليغمض ثم ليطأطئ رأسه فيشرب منه؛ فإنه ماء بارد، وإن الدجال ممسوح العين عليها ظَفَرةٌ غليظة مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب ) رواه مسلم .
ثم فسر الشيخ محمود الحديث قائلاً: لقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بعضاً من صفات الدجال فبين أن معه نهرين، أحدهما ماء أبيض فيما يظهر للناس والآخر نار وأوصى صلى الله عليه وسلم من أدرك ذلك أن يغمض عينيه، ويدخل النهر الذي يراه ناراً فإن حقيقته ماء بارد، كما أخبرنا النبي أن إحدى عيني الدجال مطموسة بجلدة نبتت في جانبها، ولزيادة بيان حاله للمؤمنين فقد وصم الله الدجال بعيب يبطل سحره ودجله، فكتب بين عينيه "كافر" يقرأه كل مؤمن كاتب أو غير كاتب .
وأضاف : بينت الأدلة الصحيحة أن خروج المسيح الدجال يبدأ من المشرق ، وتحديدا من إقليم خراسان، وهي من بلاد إيران اليوم :
عن انسِ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"يَخْرُجُ الدَّجَّالُ مِنْ يَهُودِيَّةِ أَصْبَهَانَ ، مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ الْيَهُودِ ، عَلَيْهِمْ السيجان"، وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "وَإِنَّهُ يَخْرُجُ فِي يَهُودِيَّةِ أَصْبَهَان".
ثم تنتقل هذه الفتنة التي هي أكبر فتنة منذ خلق آدم إلى قيام الساعة إلى أرجاء الأرض ، والظاهر من الأحاديث أنها تعم الأرض ، فقد جاء أنه لا تبقى مدينة إلا ويدخلها الدجال غير مكة والمدينة والمسجد الأقصى ومسجد الطور .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إِنَّ الأَعْوَرَ الدَّجَّالَ مَسِيحَ الضَّلاَلَةِ يَخْرُجُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ فِي زَمَانِ اخْتِلاَفٍ مِنَ النَّاسِ وَفُرْقَةٍ ، فَيَبْلُغُ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ الأَرْضِ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، اللَّهُ أَعْلَمُ مَا مِقْدَارُهَا ، اللَّهُ أَعْلَمُ مَا مِقْدَارُهَا - مَرَّتَيْن"
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :" وأما متى يهلك ومن يقتله ؟ فإنه يهلك بعد ظهوره على الأرض كلها إلا مكة والمدينة ، ثم يقصد بيت المقدس فينزل عيسى فيقتله ، أخرجه مسلم أيضا "
ثم تحدث الشيخ محمود المصرى موضحاً من هم اتباع المسيح الدجال :
نجد أن الكفار عموما هم أكثر الناس فتنة به وبما يظهره الله على يديه من الخوارق، واليهود خاصة ، حيث ورد أنه يتبعه سبعون ألفا من اليهود ، وكثير من المسلمين الذين يفتنهم بالخوارق التي تظهر على يديه ، وخاصة عوام المسلمين وجهلتهم من الأعراب والنساء والصغار .
روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : " يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفا عليهم الطيالسة "وفي رواية للإمام أحمد : " سبعون ألفا عليهم التيجان"، وجاء في حديث أبي بكر: "يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة" رواه الترمذي .
وجاء وصف أتباعه في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خوزا وكرمان من الأعاجم ، حمر الوجوه ، فطس الأنوف ، صغار الأعين ، كأن وجوههم المجان المطرقة ، نعالهم الشعر"، ويقول صلى الله عليه وسلم : " وإن من فتنته – أي الدجال – أن يقول للأعرابي : أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك ؟ فيقول : نعم . فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه فيقولان : يا بني ! اتبعه فإنه ربك"
وتظهر الأحاديث أن القلة هي التي تثبت على الإيمان ، وأن أكثر أهل الأرض يومئذ هم من أتباع الدجال قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
وختم الشيخ محمود المصرى الحلقة قائلاً : من هنا نقول أن المسيح الدجال يأخذ البلاد بلداً بلداً ، وحصناً حصناً ولا يبقى بلد من البلاد إلا وطئه بخيله ورجله غير مكة والمدينة ، ومدة مقامه في الأرض أربعون يوماً يوم كسنة ، ويوم كشهر ، ويوم كجمعة ، وسائر أيامه كأيام الناس هذه ، ومعدل ذلك سنة وشهران ونصف شهر ،وقد خلق الله تعالى على يديه خوارق كثيرة يضل بها من يشاء من خلقه ، ويثبت معها المؤمنون فيزدادون بها إيماناً مع إيمانهم ، وهدى إلى هداهم .
ويأتى نزول عيسى بن مريم مسيح الهدى في أيام المسيح الدجال مسيح الضلالة فيجتمع عليه المؤمنون ويلتف به عباد الله المتقون ، فيسير بهم عيسى بن مريم قاصداً نحو الدجال وقد توجه نحو بيت المقدس ، فيتداركه فيقتله بالحربة فتكون وفاته لعنه الله كما دلت على ذلك الأحاديث .