فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا
{فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18]
إلى كل من أقلقته مصائب حلت به،أو أيام قادمة يخشى منها:
يتقلب الإنسان في الدنيا بين أحكام الأوامر وأحكام النوازل،ولا يقدر على الأوامر إلا بمعونة الله ،ولا يقدر على النوازل إلا بلطفه،لكن على قدر قيامه بالأوامر يحصل على اللطف عند النوازل .
ولطف الله بعبده عند النوازل له صورتان : صورة ظاهرة بتخفيفها ثم إزالتها وإنهاء أثرها على النفس.
وصورة باطنة: هي ما يحصل للقلب من سكينة وطمأنينة تزيل اضطرابه الذي يحدثه القلق و الجزع.
فأطلب أسباب السكون بالثقة بالله وحسن الظن به:
قال العارفون:إذا عرف العبد أن الله تعالى إذا حكم بحكم و قضى أمرا فلا مرد لقضائه، ولا معقب لحكمه، فمن حكم له بحكم، وقسم له بنصيب من الرزق أو العلم أو الطاعة أو الحال أو غيره، فلابد من حصوله له.
ومن لم يقسم له ذلك فلا سبيل إليه البتة كما لا سبيل إلى حمل الجبال وشرب البحار و الطيران في السماء، وبهذا الفهم يقعد عن منازعة الأقسام.
فما كان له منها فسوف يأتيه على ضعفه، وما لم يكن له منها فلن يناله على قوته.
وعليه فاختر ما تشاء،وتوجه حيث تريد، لن تخرج عن قدر الله، فخير لك أن تسكن إليه ،تخلص من الالتفات،والتعرج،فهو أعلم منك، وأقرب إليك من حبل الوريد،وأرحم بك من أمك،ولا يريد لك إلا الخير
ابن القيم/